أن تستيقظ في أحد الأيام لتجد نفسك عالقًا في نقطة حاسمة في منتصف الطريق، بين تجارب الماضي وخطط المستقبل مدركًا تمامًا ماذا ينبغي منك أن تفعل الآن وما هو حال اللحظة، ومقرًا بأنك على المحك وفي وضع حرج يتطلب مواجهةً عاجلة إما ان تختار الفرار بذاتك والإعداد جيدًا للنجاة أو الإكمال في مسارك عازمًا ومكافحًا على النجاة رغم الخسائر؟
في بداية مسيرتي الجامعية، كانت البدايات كما هي العادة بأهداف واضحة ورؤية حالمة والآمال في اعلى مستوياتها، تحديدًا لمن اعتاد على نمط ومستوى دراسي ثابت.
لكن وعلى نحو غير متوقع، وجدت نفسي في سلسلة من التخبطات والنتائج غير المرضية، نظرًا لظروف آلت بنا قلبت مسار الرحلة تمامًا، حيث تلاشت تلك الرؤى الواضحة الحالمة واصبحت بعد ان كانت صورة واتجاه محدد الى اصطدام بأرض الواقع مع تعدد الوجهات والإختيارات.
حتى انتهت بضغط اختيارين لا ثالث لهما.. إمّا الإستمرار والمثابرة في طريق جاهلةً النهاية فيه ومجبرةً لتحمل نتائج هذا القرار، او الإنسحاب والعودة إلى نقطة الصفر لبدايات جديدة مجهولة النهايات ايضًا.
كان القرار شائكًا، مُعرقلاً بكثير من الضغط المجتمعي الذي لا يكاد ينفك من كل جانب حتى قيل لي " بتعتذرين؟ ماعهدنا من رزان الفشل، معقولة فشلتي وأنتِ رزان!"
ورغمًا عن ذلك كانت تراودني فكرة واحدة:
سلسله النجاحات من الطبيعي ان يتخللها بعضًا من التخبطات والأخطاء التي تستلزم ان يُصمد أمامها.
الفشل بذاته هو الإكمال في أمر مفروغ منه، النهاية غير المتمناه واضحة فيه، أن يلاحظ الشخص"فشله" -إذا اعتبرنا ذلك فشلًا- ويختار تلافيه فهو من مكاسب العمر وغنائمها التي يجب على المرء ان يفخر بخوضها.
ان تختار الإنسحاب وإكتشاف أخطاءك والعمل على تطوير ذاتك منذ البداية، لتؤول الأمور إلى نهايات سارّه وبأقل الأضرار فهذا نجاح آخر يُذكر لك...
كان قرار الإعتذار يستلزم كثير من التجلد وتحمل المسؤولية.
وها أنا الآن من المستقبل انظر لذاتي بكثيرٍ من الرضا، وعلى مشارف التخرج بأتم الإمتنان لذاتي لتلك الخطوة، يجب أن نتذكر انه ليست كل خطوة هي بداية فعلية إنما البداية هي تلك اللحظة التي يعزم فيها الشخص على الخطوة الثابته لبناء قاعدة متينة له، وهي تلك ذاتها التي اجني قطاف ثمارها الآن بمعدل ممتاز جدًا في جميع المستويات التي تلتها.