منذ أن بدأت ممارسة التمريض في المستشفى كطالبة، كنت أشعر بضغط العمل المستمر، حتى أصبحت أغفل عن إحتياجاتي الشخصية. ساعات العمل الطويلة والمهام المتزايدة جعلتني أرهق نفسي، جسدياً ونفسياً لدرجة أنني لم أكن أجد الوقت الكافي للعناية بنفسي أو حتى لتقدير جهودي. هذا الشعور المتواصل بالتعب والإجهاد أثار لدي فكرةً هامة: كيف يمكن للممرضين الحفاظ على صحتهم الجسدية والنفسية في بيئة عمل مليئة بالتحديات؟
من هنا بدأت الفكرة تتبلور في ذهني، وبدأت أفكر في وسيلة يمكن أن تساعد الممرضين على تذكير أنفسهم بأهمية العناية بصحتهم وسط زخم العمل اليومي. فكرت في تطبيق يمكن أن يكون بمثابة صديق إلكتروني للممرضين، يذكرهم بضرورة التوقف، أخذ استراحة، شرب الماء، أو حتى ممارسة بعض التمارين البسيطة للتخفيف من التوتر.
كانت الفكرة بالنسبة لي بمثابة الحل الشخصي لمشكلة كنت أعيشها يومياً لذا بدأت في وضع الخطوط العريضة للتطبيق. بعد أن جمعت أفكاري، قررت طرح الفكرة على أحد المختصين في المجال لأحصل على رأي محترف. لكن للأسف، تلقيت رداً غير متوقع؛ استقبل الفكرة بسخرية، قائلً إن الفكرة مستحيلة التنفيذ، وأنه لا أحد سيستخدم تطبيقًا مثل هذا، بالإضافة إلى أنها فكرة معقدة جداً وغير واقعية.
بدلاً من أن أشعر بالإحباط، قررت أن أتحدى تلك الآراء السلبية. بدأت أبحث بشكل أعمق في الموضوع، وجمعت معلومات من مصادر متنوعة، وقمت بدراسة احتياجات الممرضين من خلل مقابلات ومحادثات مع زملائي. كلما بحثت أكثر، زاد يقيني بأن هذا التطبيق سيكون له تأثير كبير على حياة الممرضين اليومية. كان من الواضح أن هناك حاجة فعلية لأداة تساعد في تذكير الممرضين بالعناية بصحتهم في خضم أعباء العمل.
بعد جمع المعلومات والخروج برؤية واضحة، بدأت أبحث عن مكان يمكنه أن يساعدني في تطوير الفكرة وتحويلها إلى واقع. هنا، بدأت رحلتي مع حاضنة التطوع الصحي. كانت الحاضنة بمثابة نقطة تحول في مشروعي، حيث ساعدتني على تحويل الفكرة إلى منتج ملموس. قدموا لي التوجيه والدعم اللازم لتطوير التطبيق على نحو يتماشى مع احتياجات الممرضين اليومية. كما أن الحاضنة وفرت لي الفرصة للتواصل مع جهات متعددة كانت مهتمة بالتعاون والشراكة، بالإضافة إلى المستشفيات التي أبدت اهتماماً كبيراً باستخدام التطبيق.
مررنا بمرحلة تطوير طويلة، كانت مليئة بالتحديات والإختبارات. لكن بفضل دعم الحاضنة والموجهين، تمكنا من تجاوز كل العقبات وتطوير تطبيق يحاكي إحتياجات الممرضين بشكل فعال. كان الهدف الأساسي من التطبيق هو تعزيز الوعي الصحي لدى الممرضين وتقديم حلول عملية وسهلة الإستخدام تساعدهم على العناية بأنفسهم، سواء كان ذلك من خلل تذكيرهم بأخذ استراحات منتظمة أو تقديم نصائح حول كيفية التعامل مع الإجهاد.
كان التطبيق يتفاعل مع الممرض بناءً على جدول عمله، ويقوم بتذكيره بممارسة بعض العادات الصحية البسيطة مثل شرب الماء، أخذ قسط من الراحة، أو حتى التنفس بعمق لبضع دقائق لتخفيف التوتر. كما يوفر التطبيق مجموعة من النصائح اليومية حول الصحة النفسية والبدنية، مما يساعد على تعزيز رفاهية الممرضين بشكل مستدام.
وصلنا إلى المرحلة النهائية من المشروع بعد العديد من التعديلات والإختبارات، وجاء اليوم الذي تم فيه الإعلان عن حفل ختامي لحاضنة التطوع الصحي. في هذا الحفل، شعرت بالفخر والاعتزاز، ليس فقط لأنني وصلت إلى هذه المرحلة، بل لأنني كنت على وشك رؤية حلمي يتحقق. كانت المنافسة قوية، حيث شاركت العديد من المشاريع المبتكرة، لكن عندما تم الإعلان عن الفائز، سمعت اسمي.
لقد كان لحظة لا تُنسى. شعرت بأن كل الجهد والعمل الجاد الذي بذلته لم يذهب سدى. فوزي بجائزة الحاضنة لم يكن فقط تكريماً لي وللفريق، بل كان تأكيداً على أهمية المشروع واحتياج السوق له. التطبيق لم يعد مجرد فكرة في ذهني، بل أصبح أداة حقيقية تُستخدم في العديد من المستشفيات لدعم صحة الممرضين.
ختاماً ، أستطيع القول إن رحلتي في تطوير هذا الإبتكار كانت مليئة بالتحديات، لكن بفضل الإصرار والبحث والدعم الذي تلقيته من الحاضنة، تمكنت من تحويل فكرتي إلى واقع. وأدركت أن أي فكرة، مهما بدت مستحيلة في البداية، يمكن أن تصبح حقيقة إذا كان لديك الإيمان والعمل الجاد لتحقيقها.